روبرت بلوم والصراع لأجل سوريا
المقالة التالية تسعى لشرح الحالة السورية للرأي العام الألماني, حيث تخاطبهم باللغة المستمدة من حضارتهم وثقافتهم وتاريخهم بهدف تقريب صورة ما يحدث في سوريا إلى أذهانهم من خلال أمثلة من التاريخ الألماني.
يبدو أن ألمانيا لا تمانع من رؤية نظام الأسد يستمر في حكم سوريا. " يبقى أفضل من القاعدة" هذا ما يشير له الموقف السياسي في برلين. هل نسي الألمان كيف كانت ولادة أمتهم؟
الطفل الصغير لا يستطيع أن يمشي في الشارع دون أن يتعرض لمضايقة الشرطة. الكل يخضع للمراقبة وخاصة الكتاب والصحفيين. جميع الصحف المحلية تخضع لمقص الرقيب الحكومي الذي يحق له الحذف و التغيير كما يشاء. الكتب التي تحمل أفكار تنويرية أو تحررية يتم منعها وملاحقة أصحابها. سجون السلطة مليئة بالمعارضين.
الثورة السورية على أعتاب عامها الرابع
أين تقف الأزمة السورية اليوم وإلى أين تتجه
تدخل الثورة السورية هذه الأيام عامها الرابع, في الوقت الذي لا تزال فيه الأوضاع الميدانية والعسكرية تشهد حالة إستعصاء منذ أكثر من عام كنتيجة لتوازن نسبي للقوى على جبهات القتال بين النظام والمعارضة ناجم عن تفاهمات دولية غير مباشرة أنتجتها ديناميكيات النظام السياسي الدولي الحالي. مما ساهم بدوره في زيادة حدة الأزمة الإنسانية وتحويلها إلى إحدى أكبر كوارث العصر الحديث بعد أن بلغ عدد المهجرين والمشردين حوالي نصف سكان سوريا. بينما شهد الملف السياسي حراكا نشيطا إحتل الصفحات الأولى على أجهزة الإعلام العالمية في الأسابيع الماضية, يدفعه السعي الدولي لإيجاد تفاهم سياسي يعمل على إنهاء حالة الصراع العسكري عبر نقلها إلى مربع الأزمة السياسية القابلة للحل عن طريق التفاوض. في هذه الأثناء شهدت المعارضة السورية إنقسامات حادة على خلفية الموقف من المشاركة في مؤتمر جينيف, بينما يعمل النظام السوري وحلفاءه بمنهجية على إستعادة المبادرة والسعي لمعاظمة عوامل القوة قبيل الوصول إلى صيغة تفاهم سياسي تعكس الوقائع الميدانية على أرض الواقع.
اِقرأ المزيد: الثورة السورية على أعتاب عامها الرابع أين تقف...
سياسة الهدنات والمصالحة الوطنية في سوريا ومآلاتها الإستراتيجية
في خضم إنشغال السوريون بأخبار القتل اليومي والتدمير العنيف لمدينة حلب ببنائها وإنسانها, وفي خضم إنشغال العالم بأخبار مؤتمر جينيف ومجرياته ونتائجه, يعمل النظام السوري بهدوء على تنفيذ إستراتيجية جديدة تحت مسمى "المصالحة الوطنية" أثبتت نجاعتها في تحقيق إختراقات لم يستطع الحل العسكري والأمني إنجازها حتى اليوم.
التحديات الإستراتيجية وصناعة النهضة
من أعجب ما نجده في كتب التاريخ بأن أهل دمشق عندما وصلهم نبأ دخول المغول إلى بغداد وسقوط الخلافة أسرعوا إلى الجامع الأموي الكبير وشرعوا في قراءة صحيح مسلم عسى الله أن يحمي البلاد والعباد ببركة الحديث الشريف ويرد كيد المعتدين. في هذه الأثناء كان للمماليك في مصر بقيادة المظفر قطز والظاهر بيبرس رد فعلا مختلف تماما حيث هرعوا لتنظيم الجيش والإعداد للمعركة الفاصلة لحماية مصر ورد المغول. والنتائج جاءت بعد ذلك في مصر والشام متناسبة مع كيفية إدراك كل طرف لمعنى وحجم الخطر القادم ومتناسبة كذلك مع نوع ردة الفعل أو صناعة الفعل تجاه ذلك الخطر (الإستجابة), حيث دمر المغول معظم الشام ودخلوا حلب وحمص ودمشق, بينما أنهزموا في معركة عين جالوت على يد القائد قطز والظاهر بيبرس في ٣ أيلول ١٢٦٠.
هل سيناريو التقسيم في سوريا ممكن؟
قبل ثلاث سنوات لم يكن يخطر في بال أكثر المتابعين للشأن السوري تشائما, بأن الحديث عن تقسيم سوريا إلى دويلات وممالك على أسس طائفية وعرقية قد يصبح أحد السيناريوهات المتداولة للنقاش والتحليل في الحديث عن مستقبل سوريا.ولكن حالة الإستعصاء السياسي في ظل إنخفاض فرص الحسم العسكري حاليا, أدخلت الدولة السورية في حالة تقسيم فعلي أدت إلى ظهور عدة مناطق تخضع لسيطرة جهات مختلفة تتنافس أو تتصارع فيما بينها. ولكن هل يمكن لهذه الوقائع الحالية أن تتطور حتى يأتي اليوم الذي نشاهد فيه سوريا مقسمة؟ للإجابة على هذا السؤال لا بد من العودة في التاريخ إلى الوراء قليلا كي نقف على الظروف التي رافقت ولادة الدولة السورية, ونحاول بعد ذلك فهم العلاقة التي تربط مكونات هذه الدولة بالسلطة المركزية فيها, وتحليل رؤيتها وفهمها لمعنى الوطن الواحد.
ماذا نعني بالمشاريع الإستراتيجية؟
سألني العديد من الزملاء والأصدقاء: ماذا تقصد بالمشاريع الإستراتيجية؟ وكيف تميز المشاريع الإستراتيجية عن غيرها؟
وجدت أني في كل مرة كنت أعبر عن الفكرة بجواب يختلف عن سابقه, حيث أن الفكرة أغنى من أن يتم شرحها بجواب مقتضب. فكان من الضروري أن أكتب عجالة تعرف ماهي المشاريع الإستراتيجية وماهي أهم سماتها ومخاطرها.