هل في سوريا اليوم ثورة أم حرب أهلية؟
تستخدم وسائل الإعلام مصطلح الحرب الأهلية لوصف مايحدث في سوريا, فيما تعمل وسائل الإعلام الغربية في كثير من الأحيان على تسليط الضوء على تصرفات المتطرفين العاملين تحت عباءة مايسمى "دولة العراق والشام" بشكل خاص. مما ترك إنطباعا لدى الكثير من المتابعين وخاصة في الدول الغربية بإن هناك معارضة تضم متطرفين, تتصارع على السلطة مع الحكومة, وبالتالي كلا الطرفين يتساوان في السوء. أو في أحسن الأحوال: هناك حرب أهلية بين طرفين وبالتالي فليحلوا مشاكلهم بعيدا عنا. ولكن ماذا يجري هناك في الحقيقة؟ هل هي حرب أهلية أم ثورة من ثورات الربيع العربي التي تسعى للحرية والكرامة الإنسانية؟
ورقة سياسات بخصوص العمل العسكري الغربي المرتقب في سوريا
إجتمع لدينا خلال الأيام الماضية من المعلومات والمؤشرات والتصريحات السياسية والتحركات السياسية ما يكفي لتأكيد جدية الخطط الغربية بالتحرك العسكري الوشيك في سوريا. يمكن إيجاز ذلك بتصريحات وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا خلال اليومين الماضيين وإجتماع هيئات الأركان للعديد من الدول في الأردن وتغيير التوجه الإعلامي بشكل كبير وجماعي و مفاجئ في أغلب الدول الغربية الرئيسية. بالإضافة إلى المعلومات المسربة من بعض الجهات الغربية القريبة من مراكز صناعة القرار.
اِقرأ المزيد: ورقة سياسات بخصوص العمل العسكري الغربي المرتقب...
ماذا بعد الائتلاف؟
منذ أسابيع والتساؤلات تتزايد حول القيمة المضافة التي قدمها الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية مقارنة بالمجلس الوطني فيما مضى، وما هي الإنجازات أو الخدمات التي استطاع الائتلاف تحقيقها للثورة أو للشعب السوري؟ وما هو انعكاس الاعترافات التي شاهدناها على التلفاز به كممثل شرعي و وحيد للشعب السوري والوعود التي سمعنا بها في مؤتمر مراكش على واقع الثورة اليومي؟ ماذا بعد الائتلاف
كما أن الإئتلاف لم يستطع تحقيق نجاحات في الملفات الخاضعة لإدارته بشكل كامل مثل ملف دعم إنشاء المجالس المحلية, بل ربما كان لتدخله في هذه الملف أثر سلبي أحيانا في العديد من المحافظات.
كيف تخطط لمشروع ناجح
فرضت ظروف الثورة في سوريا تحديات جديدة و متنوعة على الشباب الثائر وإضطرتهم لخوض تجارب كثيرة لم يسبق لهم بها تجربة و لم يكونوا مؤهلين تعليميا لها. و لعل أشهر الأمثلة أن معظم شباب الثورة تحولوا إلى مراسلين صحفيين و متحدثين إعلاميين و قادة مظاهرات و منسقين بين أطراف عديدة، و كم من طبيب فرضت عليه الظروف أن يعمل كمدير لمشفى ميداني وكم من بائع متجول أصبح محاسب في تنسيقية و غيرها من الأمثلة التي لا تحصى. و لعل أخطر التحديات التي تعرضت لها الثورة و من يعمل لها هو إنشاء الكيانات الثورية والسياسية في الداخل والخارج والتي تحتاج إلى قدر كبير من العلم و الدراية والخبرات التنظيمية والإدارية مما لم يتوفر بالضرورة في أغلب الظروف.
نظرة نقدية للهياكل الإدارية للكيانات والتنظيمات الثورية السورية
تشير الإحصائيات في جمهورية ألمانيا الاتحادية إلى أن عدد المنتسبين للأحزاب السياسية في ألمانيا يقارب مليوني إنسان؛ أي ما يعني أن نسبة المنتسبين للأحزاب السياسية و المهتمين بالعمل السياسي لا تزيد عن (٣٪) ثلاثة بالمئة من الشعب الألماني. و لكن ربع هذه النسبة فقط تواظب على المشاركة في الاجتماعات و اللقاءات الحزبية و نسبة قليلة من هذا الربع المتبقي تساهم في عملية صنع القرار بشكل فعال. و بالتالي فإن نخبة صغيرة جداً هي من تتحكم بصناعة القرار داخل الوسط السياسي الديمقراطي الألماني. و ليست بقية الأنظمة الديمقراطية في العالم ببعيدة عن هذا المثال (راجع النظام السياسي لجمهورية ألمانيا الإتحادية، باول آكرمان).
اِقرأ المزيد: نظرة نقدية للهياكل الإدارية للكيانات والتنظيمات...
الأزمة السورية في متاهة المفاوضات
بينما تعمل الأجهزة الإعلامية على تغطية وقائع محادثات التفاوض في مونترو وتحتل تصريحات الفرق التفاوضيةوتحليلاتها مساحة معتبرة على الصفحات الأولى في الصحف العربية والسورية, تجري في مدينة جينيف منذ شهر أوكتوبر الماضي في ٢٠١٣ مفاوضات هادئة ومريحة بين فرق من رجال الأعمال التي تمثل المعارضة وتلك التي تمثل طبقة الأغنياء الجدد في النظام.
حيث يعمل المركز السويسري للحوار (Centre for Humanitarian Dialogue) في جينيف منذ شهر أوكتوبر ٢٠١٣ على تيسير وإستضافة حوار سري في جينيف يضم رجال أعمال من طرف النظام ورجال أعمال من طرف المعارضة وتشارك به الولايات المتحدة وروسيا وإيران. فقد قام هذا المركز فيما مضى بجهود مشابهة في السودان ونيبال وأندونسيا وغيرها من الدول التي تشهد نزاعات عنيفة, حيث يقوم بنشاطاته بعيدا عن البيروقراطية المعروفة للمؤتمرات الدولية.